“بع لي هذا القلم”..التحدي الأكبر في عالم المبيعات
“بع لي هذا القلم” .. ربما هذه هي العبارة الأشهر والأكثر مراوغة في تاريخ فن المبيعات والتسويق. قالها الممثل المشهور “ليوناردو ديكابريو” في فيلم “ذئب وول ستريت” الذي جسد فيه شخصية رجل الأعمال “جوردان بيلفورت” – أحد أشهر المحتالين في تاريخ البورصة الأمريكية – بعد أن سلم قلماً يحمله إلى عدد من كبار مديري المبيعات.
وفقاً لـ “بيلفورت” نفسه، هذا السؤال مخادع إلى حد كبير وليس بسيطاً كما يبدو، ولذلك يساعده على التمييز بين الهواة والموهوبين من مديري المبيعات. وخلال السنوات العشر الماضية، يتم طرح هذا السؤال كثيراً في مقابلات العمل، لأنه على عكس الكثير من الأسئلة لا توجد له إجابة واحدة نموذجية.
يعتبر هذا السؤال تحدياً حقيقياً لأي محترف مبيعات، وهو من النوع الذي يفرق بين مندوب المبيعات الذي يعرف ما يفعل وبين ذلك الذي لن يستطيع أبداً أن يحقق المبيعات المستهدفة.
رغم شهرته وتكراره إلا إنه لا يزال سؤالاً جيداً، ليس لأنه صعب، بل لأنه في غاية السهولة، وإذا لم يعرف مندوب المبيعات المحتمل كيفية الإجابة عليه، فهو غالباً لا يعرف أساسيات البيع.
لدى “بيلفورت” وغيره من خبراء المبيعات طرق وإستراتيجيات مختلفة للتعامل مع هذا الموقف، ولكن قبل أن نستعرضها، ربما تجدر الإشارة إلى أهمية هذا السؤال ودلالته.
ماذا وراء هذا السؤال؟
– المحاولات المختلفة للإجابة على سؤال “بع لي هذا القلم” تُظهر وجود أنماط مختلفة من مندوبي المبيعات، ربما أشهرها هو “البيع على أساس القيمة”، والذي يقوم خلاله المندوب بتسليط الضوء على المميزات المختلفة للقلم.
– يستخدم المندوب عبارات مثل: “هذا القلم رائع، وسيميزك عن الكثير من أقرانك” أو “هذا القلم لديه خراطيش حبر يمكنك إعادة تعبئتها، لذلك لن تحتاج لشراء آخر جديد” أو “بالمقارنة مع الأقلام الأخرى، هذا القلم يساعدك على الكتابة بسلاسة وانسيابية أكثر”.
– 95 % من الناس الذين لم يسبق لهم العمل بمجال المبيعات سوف يلجأون إلى التكنيك السابق، حتى أولئك الذين تلقوا تدريبات شاملة ربما يستسلمون لضغوط المقابلة ويستخدمون أساليب مشابهة.
– مشكلة البيع على أساس القيمة في وضع مثل هذا، هو أن ما نسبة تعرفه عن احتياجات المشتري المحتمل تساوي 0.0% حرفياً، وبالتالي تصبح ببساطة كمن يطلق النار في الظلام، لا يعلم أي طلقة ستصيب الهدف.
افعل العكس وفقاً لـ”جوردان بيلفورت”، كي تتجنب الفخ الذي ينطوي عليه هذا السؤال، يجب عليك أن تفعل عكس ما يلمح إليه، بمعنى أنه يجب عليك أن تدرس احتياجات المشتري المحتمل من أجل فهم شخصيته، والأغراض التي قد يحتاج هذا القلم من أجلها.
– يقول بيلفورت “الطريقة الصحيحة هي، قبل أن أحاول بيع القلم لأي شخص، فأنا بحاجة إلى معرفته ومعرفة احتياجاته وأي نوع من الأقلام يستخدمه وكم مرة يستخدم القلم، وهل يستخدمه للتوقيع أو لأشياء أخرى في حياته اليومية. ما يجب أن أسمعه من مندوب المبيعات الجيد بعد أن أقول له “بع لي هذا القلم” هي أسئلة عن احتياجاتي وليست مجرد سرد أعمى لمميزات القلم.
– في مقابلة أجراها مقدم البرامج التلفزيونية الأمريكي “جوني كارسون” مع “زيج زيجلار” أحد أشهر المتخصصين في المبيعات في التاريخ، أشار “كارسون” إلى مرمدة السجائر الموجودة على الطاولة وقال لـ زيجلار “يقولون إنك أعظم مدير مبيعات في العالم، هل يمكنك أن تبيع لي مرمدة السجائر هذه؟”
– يُفكر “زيجلار” للحظة قبل أن يرد قائلاً: ” قبل أن أقوم بذلك، أود أن أعرف لماذا تريد مرمدة السجائر هذه”. ثم ينظر “كارسون” إليها ويرد قائلاً: “أعتقد أنها جيدة الصنع، تبدو لطيفة جداً، أرى أنها مرمدة سجائر جيدة”.
– “حسناً” يقول “زيجلار”، “ولكن أريدك أن تخبرني، برأيك كم تساوي مرمدة مثل هذه بالنسبة لك”. يرد كارسون، “لا أعرف، ولكن 20 دولاراً تبدو سعراً مناسباً لها”. يبتسم “زيجلار” ويقول “تم البيع”.
– بلا شك، في الممارسة العملية، نادراً ما تمضي الأمور بهذه السلاسة، ولكن الفكرة هي أنه عليك طرح أسئلة كافية لمعرفة المشتري واحتياجاته، وربما لا يكفي هذا وتضطر لبناء رابط عاطفي بين المشتري المحتمل والسلعة.
استخدم أكثر من نهج
– الهدف من سؤال “بع لي هذا القلم” هو معرفة ما إذا كانت لديك القدرة على أن تكون مقنعاً بشكل كاف كمندوب مبيعات خلال بيع شيء بسيط وعشوائي مثل القلم.
– كما أشرناً سابقاً، لا توجد هناك إجابة واحدة نموذجية لهذا السؤال، ولذلك لا يجب أن تخشى استخدام نهج أكثر تفاعلية، وهذا ما فعله أحد المتقدمين للحصول على وظيفة مندوب مبيعات بإحدى الشركات، حين قام بإخراج دفتر شيكاته الخاص وكتب شيكاً بـ100 دولار وأبقى خانة الاسم فارغة، وسلمه إلى مجري المقابلة، قائلاً له “ألن يكون رائعاً أن يكون لديك قلم الآن؟”